الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة حرب الأحلاف والمصالح الشخصية تزلزل الفريق وتعدم الأحلام الترجية

نشر في  28 ماي 2014  (12:06)

لم يتسنّ للترجي عند تحوّله الى صفاقس لملاقاة أهلي بنغازي الليبي في اطار دوري أبطال افريقيا تحقيق حصيلة أفضل مما جرى ضد وفاق سطيف الجزائري بملعب رادس ليكون الحصاد الأني صفرا من النقاط عقب مباراتين..وهذا ما لم يتعوّده الفريق منذ زمن بعيد.
ما حصل في ملعب الطيب المهيري فجّر عديد الحقائق المؤلمة والتي نزلت فجأة على الجماهير الترجية التي لم يكن السواد الأعظم فيها على ادراك مسبق بأن البيت كان يتهاوى تدريجيا على قاطنيه بفعل التعتيم المعتمد والثناء المتناثر ذات اليمين وذات الشمال على مجموعة استنفدت كل خراطيشها وهي تجسّد حقيقة "انتهاء جيل كروي" لم يعد له ما يضيف رغم كل المحاولات البائسة بالتمديد في عمره البيولوجي الكروي من خلال السعي الى تمديد بعض العقود والنفخ في أصحابها ممن بات ضروريا رحيلهم عن الحديقة قبل اقالة كرول وبقية اطاره الفني.
الأن، عادت هيئة حمدي المدب الى رشدها والى نقطة البداية ومنحت سيباستيان دوسابر حقيبة كان الفرنسي أحقّ من غيره بمسكها منذ قدومه..لكن الترجي آثر الاستنجاد بكرول في تجربة غير مضمونة العواقب تخلّلتها ضغوط وانتقادات رهيبة يستحيل معها نجاح أي مدرب في مكان الهولندي طالما أنه خرج بوابل من الشتائم و"الصفات القذرة" من احتفالات السي آس آس بلقب كأس الكنفدرالية وأغرق المنتخب بالأربعة في ياوندي على درب "سراب المونديال" الى حين وقوع المحظور بهزيمتين متتاليتين قاريا لم تتركا هامشا كبيرا للمدب حتى يفكّر في سحب ثقته من كرول الذي خلف أزمة جهوية حقيقية في البلاد مماثلة لوطأة وتداعيات الكتاب الأسود حين قاطع "الصفاقسية" منتوجات مؤسسة حمدي المدب في سابقة كروية بالبلاد..ولذلك حسم رئيس نادي باب سويقة موقفه منذ لقاء سطيف تحديدا مثلما بلغنا حين قرّر انهاء مهام "الكوتش" الهولندي واعادة دوسابر.
مشكل الترجي لم يكن في المدرب لأن نادي باب سويقة لم يبن أحكامه سابقا على مجرّد ضياع ست نقاط أو حتى أكثر منها، ولكن الهيئة أو لنقل بعض أفرادها حاولوا غض الطرف والتستر عن لاعبين فاشلين أمعنوا في الدلال وقلة الانضباط..والا ماذا نسمّي ما حصل مع العكايشي والبلايلي وايهاب المساكني والدراجي وغيرهم ممن حظوا بحصانة للتعتيم عن تجاوزاتهم؟
المدب -وبوصفه المسؤول الأول- فرض عديد الانتدابات في العام الفارط ولكن ثبت لاحقا فشلها الذريع كالمهذبي وعنتر يحيى وايهاب المباركي والعكرمي وغيرهم..وهذا ما يسحب المسؤولية كاملة عن كرول الذي وجد فريقا على شفا الانهيار ورصيدا بشريا متآكلا أرهقه الاستنزاف..ولكن عوض منح الثقة الى دوسابر بعد النقلة النوعية معه واحداث بعض الروتوشات..فان الادارة اختارت المجازفة بمعاداة الجميع واستقدام كرول رغم كل الانكار الذي سبق الاشهار الرسمي للارتباط يوم عيد ميلاد الجمعية...

هفوات أخرى

علاوة عن التسيّب الحاصل في المجموعة، لا بأس في تذكير الهيئة المديرة انها أخطأت على طول الخط حين استعادت الدراجي ونجانغ بمثل تلك الطريقة والمبالغ الخيالية وكانت النتيجة مجرّد بطولة قال عنها الناطق الرسمي للفريق في لحظة صدق ان "كرول لم يأت بها كانجاز جديد للترجي الذي يعرف طريق المنصة المحلية قبل هذا الهولندي"..فعلا، فحين نبّهنا سابقا الى أن هروب الترجي الى اللقب ليس انجازا وأن السبب فيه بالأساس هو الضعف الفادح للمنافسين حينها انزعج البعض من التقييم وشرعوا في مغازلة كرول والرفع من أسهمه بحديث "البصمات الفنية" التي أضحت لاحقا مدعاة للتندّر...


الأحلاف والانقسامات


في جانب آخر،ولئن كان الحلم بمواصلة الرهان مباحا في ظل تقارب محصول النقاط مع سطيف والسي آس آس وبنغازي، ولئن كان ذلك ممكنا حسابيا فان الواقع يفرض العودة الى أسباب السقوط الحرّ للترجي ..
فعلاوة عن التراجع الفني لعدد من اللاعبين وانتهاء صلاحياتهم كرويا، فانه من الضروري التذكير بحجم التجاذبات الحاصلة بين "الحرس القديم" في الهيئة وبين الشقّ الجديد من المسؤولين عن القطبين الرياضي والاقتصادي الذان أحدثتهما الهيئة..أجل هذا هو لبّ الخلاف ولا دخل لدوسابر فيما يجري (ليس دفاعا عنه)، فالفرنسي يعدّ حديث العهد بأجواء "التكمبين التونسي"، وحتى لو سلّمنا جدلا ان له نفوذا وحلفا قويا كما يروّج الكثيرون وضخّموا من الأمر، ان كان له هذا الامتياز لما تسنّى أصلا لكرول أن يخلفه كمدرب في الفريق خلال شهر جانفي ولأقنع دوسابر مؤجره المدب بضرورة منحه الثقة مجددا..ولتسنى لدوسابر أيضا فرض ماكون وبوبا كأساسيين بما أنه كان السبب في استقدامهما من الكامرون..
الخلاف يبدو أعمق بكثير..والمدب يدرك جيدا أنه حين ثار في حجرات ملعب رادس بعد لقاء سطيف، يدرك أنه أراد تمرير ارسالية مزدوجة الى اللاعبين والاداريين ممن بات كل منهم يوظّف خطته لفرض تصوراته واختياراته ..وبذلك تاهت السفينة في غياهب دوري الأبطال بعيدا عن حكاية التذرّع بكرول الذي يبقى كل همّه اثراء رصيده المالي وهو الذي درّب في ظرف وجيز قطبين كرويين هما النادي الصفاقسي والترجي الرياضي وعلاوة على المنتخب الذي مازالت تطارده معه بعض الاشكالات المادية من اشرافه عليه ل180دقيقة فحسب..
هذا ما يجري في الترجي حتى وان كان مناصرو الهيئة الى حد قريب للغاية انقلبوا خدمة لبعض الأسماء "المغيّبة" حاليا..ولكن ما يجب ادراكه أن المدب وبنور والسرّاي والمبخوت وبن سليمان ودوسابر وكرول وما لفّ لفهم..كلهم راحلون ولن تقف عجلة الترجي عن الدوران بعدهم..طبعا الا في ذهن أنصار تيار الشخصنة والمحسوبية والولاءات المنفعية..وهذا ما سرّب الوهن فعلا الى جسد شيخ الأندية التونسية في انتظار وصفة طبية دقيقة لاستئصال ما أضرّ به من زوائد...

طارق العصادي